ان ترى اقربائك يموتون عطشا ولا باليد حيلة
الباحث/ داود مراد ختاري
يتحدث نواف يونس كرنوز الجيلكي (المعاق) تولد 1989 من قرية (كانيا عيدو) القريبة من مركز قضاء شنكال عن كيفية مواجهته لايام تحت قبضة تنظيم داعش وكيف شاهد أقربائه يموتون عطشا وبطش التنظيم وممارساته حتى ضد المعوقين .
يقول نواف : خرجنا يوم الكارثة من البيت واتجهنا نحو الجبل كبقية الناس، ولكوني معاقاً لا أستطيع المشي كثيراً أو أن أتسلق الجبل ولا يستطع أحد أن يحملني على ظهره لوزني الثقيل ، حينما وصلنا الى مزار (مهمد رشان) في (كلي حجي) بمنطقة (سولاغ) شرقي مدينة سنجار طلبتُ من عائلتي تسلق الجبل وأن يتركوني ولا يبقى معي أحد.
يضيف نواف : بقيت مع مجموعة كبيرة من المعاقين والعجزة من الرجال والنساء وبعض الشباب عند المزار. لمدة ثلاثة ايام وفي اليوم الثالث جاءت ثلاث سيارات محملة بالرباعيات، طلبوا منا التجمع ثم خاطبنا احدهم قائلاً : لا تخافوا سوف نعيدكم الى قراكم، كنا حوالي (30) رجلا وأكثر من (30) امرأة، بعد نصف ساعة حدثت معركة بالقرب منا بين الدواعش والمدافعين عن الجبل، فقالوا لنا: اذ كان الذين يحاربوننا هم إيزيدية سنقتلكم جميعاً، فقلنا لهم: لا نعلم عنهم شيئاً، ولا علاقة لنا بهم.بعد قتال نصف ساعة عادوا الى مركز المدينة وتركونا .
ويسرد نواف تفاصيل تلك الايام العصيبة قائلا : اءت قوة أخرى بقيادة داعشي مصري الجنسية في عصر اليوم التالي وطلبوا منا التجمع والوقوف صفاً واحداً، في هذه الإثناء جاءت طائرة حربية، طلب مني احد الدواعش أن يصعد على كرسيي الخاص ويرمي على الطائرة ببندقيته ، فكنت جالساً على الكرسي وهو فوقي يرمي عليها ثم طلب مني أن أصطف مع البقية، وقال للجميع : من يدخل منكم الى الديانة الإسلامية سيكون في أمان، ومن يرفض ذلك فان مصيره القتل، أجبر الجميع ان يقولوا ما طلب منهم عدا (كمال عمر الياس - شاب من تل قصب) رفض ذلك، هجم عليه ثلاثة دواعش وضربوه بأخمص البنادق ، ثم قالوا له: هل ستبقى على دينك القديم، فرد عليهم قائلاً: لي شرف عظيم أن أموت من أجل ديني، فأردوه قتيلاً بعد أن أصيبا رأسه بطلقتين .
ويقول نواف : أنذاك بدأوا بسرقة السيارات المركونة هناك، التي تركها الأهالي وتسلقوا الجبل خلال فترة عشرة أيام كانت عملية النهب مستمرة أمام أنظارنا حيث بقينا عشرة أيام كل يوم كانوا يأتون الينا في أحد الايام قالوا لنا من اين لكم الماء؟ عندما علموا بمصدر الماء قاموا بتعطيل محرك البئر الارتوازي الذي كنا نشرب منه، فهلكنا من العطش، ورأيت بعيني معاقاً على كرسيه في السكرات الأخيرة نتيجة العطش الشديد، ومات منا سبعة أشخاص نتيجة الجوع والعطش أيضاً، ولم نكن نمتلك رغيف خبز.
اضاف نواف : جاءت مجموعة سيارات في الساعة العاشرة والنصف ليلاً من اليوم العاشر، وطلبوا منا التجمع و الامر بأعتناق الديانة الإسلامية فنفذنا طلبهم مجبرين أيضاً، لكن عجوزاً رفض ذلك وقال لم يبق من عمري شيئاً فشرف لي أن أموت على ديني.. قال له شخص قريب منه: هؤلاء مجرمون يقتلون كل الأبرياء فما عليك إلا أن تقول ما يريدون وليكن إيمانك في صدرك لا أحد منا سيدخل ديانتهم قط، هذه غيمة سوداء ستزول.. .
يقول نواف لكنه رفض وقال : أريد الشهادة من أجل الدين، بعد أن قال للدواعش اني مصًر على رأيي أن أبقى على ديني، أرادوا قتله واتصلوا بمسئولهم وقد سمعت كلامه لكوني كنت قريباً من المتصل فقال له: اجلبه معك الى قرية كوجو فعصبوا عينيه وحملوه مع بقية الأشخاص المتواجدين الى قرية كوجو.
وفي تلك اللحظة كان نواف ينتظر ما الذي سيفعلون به – اذ قال : طلب مني صعود السيارة حاولت أن أصعد مع الكرسي المتحرك لكني لم أستطع لبعد المسافة لكون السيارة واقفة على حافة الوادي، وضع مسدسه برأسي وقال: لماذا لا تصعد، فقلت له: لا مجال لي فضربني برجله وتدحرجت مع الكرسي الى أسفل الوادي، تألمت كثيراً لأني اصطدمت بالأحجار الكبيرة المدببة ولم أستطع السيطرة على نفسي الى أن وصلت الى أسفل الوادي وتكسر الكرسي، بعد أكثر من خمس دقائق رأيت داعشياً فوق رأسي وسلط علي ضوء المصباح لان الليل كان دامساً قال لي: قل الشهادة وأدخل الى الديانة الإسلامية فقلت له هذه المرة الرابعة تطلبون منا وأنا معاق وأتألم هنا في أسفل الوادي وتكسر الكرسي، فتحدث مع زملائه بالجهاز قائلاً: انه معاق فرد عليه : أقتله ، فأجابهم : انه دخل الإسلام لا استطيع أن اقتله، فرد عليه: أتركه ليموت في أسفل الوادي.
ويضيف نواف حاله في تلك اللحظات قائلا : بقيت في الوادي الى الفجر، فأدركت بان بقائي هنا قد يؤدي الى الموت أو ان تهجم علي الحيوانات ، حاولت تسلق الجبل على اليدين والركبتين لم أستطع فمشيت زاحفاً على ظهري الى أن أنقذت نفسي من الوادي وقد هلكت من العطش، وفي وقت الظهيرة كدت أموت من العطش رأيت بعض المقاتلين من قوة (y p k) بعد أن شربت الماء، طلبت منهم إنقاذي فأوصلوني مشكورين الى المناطق الآمنة في الجبل. .. نجا اثنان من كبار السن من الرجال معي والبقية منهم من مات جوعاً وعطشاً ومنهم من أخذه الدواعش معهم والى لان مصيرهم مجهولا ... اصبح نواف نموذجا لتحمل الاذى والتصدي و استمرا حياته رغم العوق الشديد الذي يعانيه ليصبح نموذجا مهما من نماذج مواجهة تنظيم داعش .
يجب أن تكون مسجلا للدخول لتكتب تعليق.