نجاة بابير تعيش ذكرى الإبادة كل لحظة
الكثير من النساء الإيزيديات تحولت حياتهنّ إلى مأساة في غضون ساعات بعد هجوم مرتزقة داعش على قرى شنكال، في الـ3 من آب 2014، ليمارس ، فمنذ ذلك اليوم، بدأت قصص الآلاف من الإيزيديات اللواتي ذقن الأمرّين من مرتزقة داعش، من خطف وقتل وسبي. يتناقلها الناس ولكل قصة موقف و لكل موقف ذكرى لاتستطيع الضحايا نسيانها ..
هذه قصة الناجية – نجاة بابير خلف ذات الثلاثة عقود من عمرها، إحدى الناجيات من قبضة مرتزقة داعش، لا تستطيع أن تنسى ماضيها وما ذاقته من على أيدي عناصر داعش، وما تزال تنتظر أن تتحرّر ابنتها ذات 8 أعوام ريشين قاسم حيدر، ووالدها وثلاث من أشقّائها.
نجاة من قرية كرزرك / مجمع كرزرك الذي يقع الى جنوب غرب سنجار ، وكانت تعيش في منطقة دوميز بقضاء شنكال.
عدا عن المأساة السوداء التي عاشتها نجاة عندما كانت مختطفة بيد عناصر تنظيم داعش، فإنّ فقدان ابنتها وأفراد عائلتها زادت عليها محنتها... وتحوّلت حياة نجاة التي كان كل همّها أن تتمكّن من المحافظة على أطفالها وعائلتها، وأن تعيش في منزلها القرويّ وتحافظ على طقوسها وعاداتها الإيزيدية، تحولت إلى جحيم.
تقول نجاة : بعد أن سيطر عناصر تنظيم داعش على الموصل في 10 حزيران عام 2014، سمعنا بالخبر ... تقول : ومع اولى ساعات سيطرة التنظيم على سنجار شعروا بالذعر والهلع كلّما سمعوا بأنّ أنفاس داعش باتت قريبة منهم دون أن يعلموا من هم وماذا يفعلون؟ ، لكنّهم فقط شعروا بأنّ الخطر يقترب منهم، وقرّروا مع 25 فرداً آخرين من عائلتها وعائلة زوجها الخروج من منزلهم، فاستقلّوا سيارتين، واتّجهوا صوب اللوفات التحتاني، ولكن لزيادة حمولة السيارتين اللّتين تحملان 26 فرداً تعطّلا، فكان ذلك كفيلاً بأن تصلهم عناصر داعش، وتطوّقهم.
قالت نجاة : طوّق عناصر تنظيم داعش العائلة، وصوّبوا نحوهم البنادق للقضاء علينا، إلّا أنّ اتّصالاً هاتفيّاً تلقّاه أحد العناصر فأكتفوا بحملهم في عربة نقل كبيرة، لتتجه بهم صوب مركز شنكال.
تقول نجاة : بأنّهم بقوا 6 أيام في شنكال، وفي تلك الأيام كان المرتزقة يأخذون الفتيات ليلاً، ويعيدونهنّ في صباح اليوم التالي، دون العلم ماذا يحلّ بهنّ.
وتُضيف: "إنّ المرتزقة نقلت أماكننا كثيراً بين قرية بادوش، وتل أحفر وكسر المحراب وأماكن أخرى لم أعد أتذكّرها، ففي كل مكان كنّا نقضي أشهر وايام ، وعناصر داعش في كل مرّة يفصلون النساء الكبيرات بالعمر من الأخريات".
وتابعت: "جمعونا كلّنا مرّة أخرى في الموصل، حتى عادوا وأخذوا كافة الرجال بعدما أعصبوا أعينهم، سمعنا وقتها بأنّهم أخذوا الرجال إلى الجامع، وبعدها انقطعت أخبارهم عنّا، وجمعوا النساء في إحدى المدارس، عرضوا بعضهنّ للبيع، والأخريات حملوهنّ في السيارات، واتّجهوا بهنّ لمكان آخر، بينهن، أنا، دون أن نعرف إلى أين ستتجه، ولكن من جملة واحدة بين عناصر داعش عرفت بأنّها وصلت إلى الأراضي السورية".
وتقول نجاة: "وصلنا لمكان لا أعرف أين كان، أو أي منطقة بالتحديد، فأنا لا أعرف المنطقة، ولكنّي أتذكّر أنّهم جمعونا في مدرسة، وبدأوا بالتقاط صورنا ليوزّعوها على العناصر، بقينا في المدرسة لمدة شهرين، وفي كل ليلة كان يأتي العشرات من عناصر داعش ليأخذوا حصتهم من المختطفات الإيزيديّات، كان منظراً بشعاً، فكلّ عنصر يأخذ أكثر من ثلاث نساء له".
وتتذكّر نجاة : أنّهنّ بقينَ في المدرسة أكثر من 53 امرأة، و129 طفلاً، حتى غيّروا مكانهنّ مرّة أخرى، وسجنوهنّ في نفق تحت الأرض في أحد سجون تنظيم داعش.
بقيت نجاة مع النساء والأطفال لمدة 11 شهراً في السجن تحت الأرض، وهي تنتظر موتها دون أن يكون لها أمل بأن تعود وتعيش مع أطفالها وعائلتها كما كانت في السابق.
تقول نجاة أنها : فقدت نجاة الأمل بالعودة إلى الحياة، بعدما عاشت ورأت التعذيب والإهانة على يد عناصر داعش، ناهيك عن عرضها للبيع في سوق النخاسة، كل ذلك كان كفيلاً بأن تفقد نجاة الأمل في الحياة.
وهنا تضيف سنجار رؤيتها بأنه حال سماعها بأنّ هناك قوات عاهدت في القضاء على مرتزقة داعش وتحرير كافة الإيزيديات، وخاصة بعد تشكيل قوات حماية شنكال، وبدء قوات سوريا الديمقراطية بحملة تحرير مدينة الرقة، أصبح لها الأمل بأنّها ستعود للحياة رغم مأساتها وآلامها.
في حملة تحرير مدينة الرقة، تمكّنت قوات سوريا الديمقراطية وقوات وحدات حماية المرأة العمل على تحرير العديد من المختطفات بحسب قول نجاة وأنها كانت واحدة منهن.
الامل المفقود لنجاة هو : أنّه ما تزال ابنة نجاة، ريشان حيدر ذات 8 أعوام، وثلاث من أشقّائها ووالدها مفقودين حتّى الآن، فيما تأمل نجاة بأنّ تعود إليها ابنتها وأفراد عائلتها من جديد.
وبعد مسيرة عذاب استمرّت أكثر من عامين في قضة تنظيم داعش ، عادت نجاة بابير خلف إلى عائلتها في شنكال، وتستمرّ حياتها في انتظار الاجتماع مع المفقودين الآخرين، فهي الآن تعمل في أحد الأفران بمنطقتها لتعيل ذاتها وعائلتها.
يجب أن تكون مسجلا للدخول لتكتب تعليق.