أعداد الباحث/ داود مراد ختاري
ليس الفتيات وحدهم عانوا ظلم التنظيم – الشباب ايضا
قصة الشبا ميرخاس – ومعنى اسمه باللغة الكوردية تعني البطل من سكنة قرية حردان شمال شرق سنجار مواليد 1994 يتحدث عن مأساته ومأساة أهله قائلاً في قبضة تنظيم داعش قائلا :
يقول ميرخاس : عندما دخل داعش على منطقتنا في يوم 3/8/2014 اتانا خبر خيانة بعض من اهالي المنطقة من القرى المحيطة بنا فأخبرونا بأن لا نغادر القرية ..
يقول ميرخاس : خرجنا صباحاَ من القرية بأتجاه جبل سنجار حتى الساعة وقبل وصولنا اتصلوا بنا وطلبوا منا العودة وأخبرونا بأننا سنكون بأمان ولن يحصل لكم اي مكروه ...
يقول ميرخاس بسبب ثقتنا بهم عدنا لكن يقول : عدنا لنجد ان الدواعش قد سيطروا على القرية وهناك مجموعة استطاعوا الخلاص وكانوا خمس سيارات، وخمس اخرى كانت عند اطراف القرية استطاع داعش الامساك بها في مفرق طريق خان المدعو (خالد سعيد) وقتلوهم هناك ولم يصلنا أي خبر عنهم .
اضاف ميرخاس : تم تفرقنا جميعا حوالي خمسون سيارة من حردان الى سنوني / مركز ناحية الشمال وذهب البعض منا الى مزار (شرف الدين) في جبل سنجار وبعضهم الاخر الى (بيرا اورا) وهي منطقة جبلية عاصية في سفح جبل سنجار .
واضاف ميرخاس وهو يسرد قصته : بقينا عشرون سيارة استطاعوا الامساك بنا في مفرق سنوني / تقاطع سنونى وكانت هناك مجموعة من أهالي مجمع (خانصور) هناك ايضا جمعونا كلنا ونقلونا الى اطراف خانة صور. فأخذونا بسياراتنا الى سوريا وبقينا الى الساعة الثانية بعد منتصف الليل بدون توقف فأنزلونا في مدرسة ثانوية اسمها (تل شاي)،هناك فصلونا واخذوا النساء والفتيات الى الطابق الثاني ونحن في الطابق الاسفل رجالا وشباباَ ووضعوا كل عشرين رجل في صف من صفوف حتى صباح اليوم التالي.
البحث عن المصير يقول كيرخاس في الصباح سألناهم ماهو مصيرنا؟؟ ولم نسمع جوابا .. ولكن احدهم قال : قد جاءكم عفو ولن يصبكم اذى ، بقينا في تلك المدرسة ثمانية ايام مليئة بالخوف وصعوبة العيش... بعدها اتت ثماني سيارات نقل ركاب من الموصل فأخبرونا بأنهم سينقلونا الى الموصل .
يسرد ميرخاس تلك اللحظات قائلا : اخذوا البنات غير المتزوجات في منشأة/ باص والشباب غير المتزوجين في منشأة/ باص والمتزوجين مع ذويهم في منشأة/ باص ، وكانوا قد اجبرونا على أعتناق الديانة الاسلامية ونصحنا الكبار انه في حال طلب منا اعتناق الاسلام لا ترددوا، لكونهم سيذبحون الرافضين – وحصل ذلك تحت تهديد الموت .وكان عددنا ان ذاك (300) شخص واصبحنا (301) حيث ولدت احدى النساء الحوامل التى كانت معنا طفلا رضيعا و نقلونا نحن الشباب الى تل بنات وبعض العوائل تم نقلها الى القيارة في جنوب الموصل والبعض الاخر الى تلعفر ونقلوا البنات الى البعاج.
كمن يحفظ التفاصيل وعدد الايام يقول ميرخاس : بقينا هناك ما يقارب عشرون يوماَ وفي يوم جمعة احدى الايام قاموا بنقل البعض منا الى قرية كوجو – القرية التي ارتكب فيها تنظيم داعش مجزرة القتل الجماعي ..
اضاف ميرخاس / استغلت فرصة وجودي في كوجو خاصة انني كنت لازلت احتفظ بموبايلي ورغم انني لم اكن اعرف المنطقة لكن أستطعت الهرب وكانت الساعة 12 ظهراَ لاني كنت اعلم اني ان بقيت تحت ايديهم سوف يقتلوني فقررت المحاولة وخبئت نفسي في قن للدجاج، وبعدما أدركت بان السيارات خرجت من القرية، خرجت وهربت فتنقلت من دار الى دار حيث كانت تلك الدور خالية وكنت اثناء ذلك اسمع اصوات سياراتهم فاتصلت بأهلي ..
ميرخاس يقول : لم أكن اعرف الطريق الى الجبل فأخبروني اهلي كيف اتنقل خطوة خطوة وان هناك وادي يصل تل بنات بالجبل فقررت ان اخرج من القرية وكانت المسافة بين هذا البيت والوادي حوالي (700) م وكنت خائفا َ من عبور الشارع الرئيسي الذي يربط الموصل بسنجار لان الحركة كانت كثيرة هناك، فخرجت ودخلت بيتاَ وارديت ثياباَ غير ثيابي ولبست الملابس الرمادية واعتقد ان ذلك اليوم كانت يصادف 3/9/2014.
واشار ميرخاس : في ذلك البيت صعدت الى الطابق الثاني كي اراقب المنطقة وعندها جأتني الفرصة المناسبة فقررت الهروب .فركضت حتى وصلت الوادي ولم اكن انظر حولي ولكني كنت اسمع اصوات سياراتهم فركضت كثيرا خوفا من ان يراني أحداً ويتم الرمي علي، كان بإمكاني البقاء في الدور، لكن كنت خائفاً أن يدركوا بإختفائي ويعودون للبحث عني لذا قررت الخروج من المجمع بأسرع وقت ممكن.
واضاف : في الوادي كنت أمشي منحني الظهر خوفاً من أن يراني أحد ولم يكن الوادي عميقا، وعندما وصلت الشارع العام كان قد حل الليل وكان حالكة الظلام والطين قد تجمع تحت الجسر فلم استطيع العبور وبقيت ساعة انتظر اللحظة المناسبة لعبور الشارع فجاءتني الفرصة المناسبة حيث انقطع لوهلة مرور السيارات فعبرت الشارع .
ويصف ميرخاس وصوله الى قرية قريبة من الجبل قائلا : وصلت الى قرية زليلية التي تقع بين معمل سمنت سنجار ومركز قضاء سنجار وكان الوادي يمر في منتصف القرية فرأيت سيارت الدواعش في القرية وكنت اريد عبور القرية مع الوادي وكنت اعاني من اني لو خرجت من الوادي سوف أضل طريق الجبل وان بقيت سيجدني الدواعش وقررت المضي حتى وصلت الى منتصف القرية في الوادي اضعت وجهتي وكان الوادي يصل الى مزار ( بيرى اورا ) وكنت اعاني من الجوع والعطش فقررت المشي واذا بي امشي في الطريق الخطأ فرجعت الى قرية زليلية فرأيت مقبرة فقلت لقد وصلت الى ( بيرى أورا) وتصورت ان هذه هي المقبرة الموجود عند المزار، فرأيت شخصاَ بالقريب من المقبرة فقمت أناديه ولم يكن يسمعني، حينها فكرت أن أبقى في المقبرة خوفا من حراس المزار أن يشبهونني بالاعداء ويرموا الرصاص علي، فبقيت هناك حتى الصباح فميزت طريق معمل سنجار وعندما اشرقت الشمس وراية قرية زليلية تبتعد 300م تقريباَ، عندها شعرت بالخوف الشديد لاني قضيت يوماَ كاملاَ في الهرب ولم ابتعد كثيراَ فنزلت الى الوادي مجدداَ فأصبني الاعياء الشديد حيث لم آكل او اشرب منذ يومين فلم ارى احداَ سوى شخص ميت كان كبيراَ في السن، والحذاء التي البسه قد تمزق وأصبحت حافياً .
اضاف ميرخاس : زاد خوفي كثيراَ لاني ربما سوف اموت من العطش والجوع مثل هذا الرجل فمشيت ناحية المزار قلت قواي وضعف نظري من الجوع والعطش والهلاك كلما مشيت مسافة أقع على الارض وخلال هذه المسافة لم أعثر على مصدر للماء لم يعد الموبايل يعمل ، وبعد استراحة قمت أواصل سيري منهكاً حتى أقتربت من المزار وحينها أقنعت نفسي باني امتلك فرصة اخيرة للنجاة . وهي ان استنجد أي شخصاَ أراه ، فرأيت شخصاَ قرب المزار فصحت عليه صيحة واحدة وقلت له انجدني وسقطت ارضاَ، وأحسست بنفسي حينما رشوا الماء على جسمي واسقاني قطرات من الماء، بكيت لكنهم أطمأوني وقالوا: الحمد الله على سلامة وصولك وانت الان في مأمن من الاعداء وأخذوني الى الجبل والتحقت بأهلي.
يحتفظ ميرخاس رغم قصر المدة التي قضاها في قبضة التنظيم بذكريات ألم ومعاناة الجوع والتعذيب الى الان ويحتفظ بصور التجاوز على النساء امام انظارهم الرجال الذين لم يكونوا يقدرون عمل اي شيء .. التعافي من المشاهد الماساوية تحتاج ارادة قوية ودعم مستمر لهؤلاء الضحايا لفترات طويلة كي يتخلصوا من صور الاساءة و المعاملة غير الانسانية التي تلقوها من قبضة تنظيم داعش.
يجب أن تكون مسجلا للدخول لتكتب تعليق.