شريهان الفتاة التي تناولها شيوخ وقادة داعش بينهم بشكل بربري
هذه القصة منقولة من مجلة – زهرة الزيتون
من عالم الوحشية والإبادة تنقل لنا ” شريهان” حجم المأساة التي لاقتها تحت وطأة مجرمي داعش، والبداية كما ترويها كانت على يد الشيخ “سالم الجزراوي و المدعو أيوب ” اللذين أفرغا سبع وعشرين طلقة من رشاشيهما في جسد أمها ” كلي ” أمام عينيها .
تقول شيريهان واحدة من الناجيات الايزيديات من قبضة تنظيم داعش : حين حاولت الأم منعهم من أخذ ابنتها منها عنوة ، لأنها أدركت بشاعة المصير ينتظر شريهان ، فبادرت إلى قتل مسلح من داعش وجرح آخر بمسدس زوجها الذي خبأته بين ثيابها كما تتحدث شيريهان .
تضيف شيريهان :” ترقبتنا دورية لمقاتلي داعش في سيارة حمراء نوع :بيك آب” عند مفرق مدينة “سنوني - شمال سنجار وهي مركز ناحية الشمال ” في طريق هروبنا وأمي وشقيقي” سالم ” المعاق وجارتنا “هيام” قاصدين طريق الجبل للاحتماء به ، لكنهم اوقفونا وقتلوا والدتي واقتادونا نحن الثلاثة كرهائن إلى “خانصور”.
تنقلت شيريهان مثل غيرها من المئات من النساء والتفيات الايزيديات بين عناصر تنظيم داعش وتعرضوا الى ظروف قاسية لايمكن تصورها كما تقول شريهان :
تنقلنا “مع مئات الإيزيديات من النساء والأطفال في رحلات شاقة وقاسية بين “تل قصب، وكوجو وتل بنات ورمبوسي” – هذه اسماء قرى ومجمعات سكنية للايزيدية في جنوب سنجار .. تعرضت خلالها للضرب المبرح بالسياط والعصي والحرمان من الطعام والشراب فترات طويلة على يد عناصر التنظيم وتتابع :” فرقت النساء والبنات بمختلف الاعمار والأطفال في حافلات اتجهت بهم إلى دروب مجهولة ومصائر مخيفة “.
أبو هاجر وابو موسى وأبو حمزة كانوا أوائل تجار الرقيق ممن وقعت ” شريهان رشو” في شباكهم ، فأجبروها وتسع عشرة شابة إيزدية اخرى على ارتداء ثياب خليعة ، وزجوهن في أسواق النخاسة كسبايا في “العراق” قبل ترحيلها مع خمس عشرة إيزيدية في أول وجبة من “كوجو” إلى مدينة “الرقة “السورية وحجزوها في مزرعة بطابقين في مركز الخلافة في سورية .
تقول شيريهان :” الطابق السفلي كان مكتظاً بمئات من مقاتلي داعش ، بينما حجزونا نحن الفتيات في الطابق العلوي وكانت معظم النساء والفتيات من “كوجو”.—قرية كوجو القرية التي ارتكب فيها عناصر تنظيم داعش مجزرة القتل الجماعي لجميع رجالها والنساء كبار السن في يوم الخامس عشر من شهر آب 2014 .
اغتصبني أبو سعيد:
قالت “شريهان” في حديثها ل”زهرة الزيتون ” عن أول عملية أعتداء - اغتصاب تعرضت لها على يد المدعو ( أبي سعيد ) الذي اصطحبها من المزرعة وأخذها إلى بيته - فبقيت فيها وحيدة لثلاثة أشهر ...
وصفت شريهان تلك الايام قائلة :”محال أن أنسى تلك اللحظة المقيتة التي سرق فيها أبو سعيد السافل عذريتي عندما اغتصبني ولم أتجاوز حينها السادسة عشرة من عمري - ثم أجبرني على ارتداء ثياب شبه عارية - والتقط لي صوراً وأعادني إلى العراق مجدداً - ليتم عرضي للبيع في أسواق نخاسة ( أبي عبدالله وأبي أنس العراقي - وأبي خطاب الجزراوي ) - واشتراني أبو ناصر الشامي الذي أعادني ثانية إلى الرقة وعشت مع زوجاته شهراً ونصف كخادمة دون أن يتوانى الشامي هو أيضاً على اغتصابي حتى حملت منه “.
و اضافت شريهان : رغم حملها لم يرأف بها أبي ناصر وزوجاته بل تناوبوا على ضربها وإهانتها كما تتحدث: “حين علم مالكي بحملي ، لكم بطني بحذائه العسكري الضخم لكمة قوية ، أسقطت الجنين من احشائي وتسبب لي بنزيف حاد لأيام ، حينها تمنيت الموت لعلني أرتاح من عذابي ، لاسيما أن زوجاته كن تجبرنني على خدمتهن لساعات طويلة وتحرمنني من الطعام وتصفنني بالكافرة وأن علي الصيام أياماً عديدة “.
الرعب في الموصل :
تستدرك شريهان رشو قصة حجزها مع أربع إيزيديات اخريات في بيت أبو أحمد الجزراوي الكائن على طريق الموصل قرية “النور” الجزء الرابع ، بعد أن اشتراها الأخير من الشامي في الموصل وتضيف:” نساء بعباءات سوداء كانت تزرننا ، مهمتهن إلباسنا ثياباً تظهر كل مفاتننا وتبرجنن وتحضرنن لعمليات بيع جديدة ، في وقت كثف فيه التحالف الدولي غاراته الجوية على الموصل ، كانت تدك المدينة ليل نهار بالصواريخ التي كانت تنهال شظاياها علينا من نوافذ البيت فيتغلبنا الرعب والخوف في كل مرة “.
اشارت شريهان : انها شاهدت عمليات بيع لم تعد تحصيها بين أسواق الموصل والرقة ، وعشنا الذل تحت سياط دولة الخلافة وتعنيفهم الجنسي والنفسي المروع ، كل هذا دفعها إلى الانتحار مراراً وتكراراً دون أن تنجح كما تقول .
اغتصاب طفلة :
ماتزال ذاكرة شريهان مبللة بصور أبي معاذ التونسي وأبي عبد الرحمن الأردني وأبي سارة العراقي الذين نشطوا في بيعها مراراً في الرقة .
وكم تفاجأت شريهان عندما اصطحبها “عبد الرحمن الأردني” إلى بيته بوجود طفلة إيزيدية لديه ، لم تتجاوز العاشرة من عمرها، أنها شيماء هذه البريئة التي لاقت الأمرين عنده ، فقد كان يربطها بسرير ، ليتناوب اغتصابها مرات ومرات ، فتسبب لها بنزف حاد كاد أن يودي بحياتها كما كشفت شريهان رشو.
بيع شريهان لإدلب
بدت ملامح ” شريهان” حزينة، وشحوبها بادياً على عينيها المخنوقتين بحرقة الدموع وهي تعبر بنا لرحلة عذاب مع الوجه الآخر لداعش وهو “جبهة النصرة ” بعد أن باعها الأردني إلى أبي عبدالله الداغستاني وأبي خالد العراقي وهما من تجار الرق في مدينة إدلب، عبرا بها من الرقة إلى ريف حماة وصولاً إلى جبل الزاوية فإدلب، حيث أدخلها أبو خالد وهو من مدينة الموصل العراقية ومسؤول سجن إدلب إلى أحد الزنزانات التي وصفتها شريهان بغرف الجحيم كما تقول :”كان سجناً كبيراً جداً ، تشق عتماته أصوات المحتجزين فيه من الرجال تعلو صرخاتهم من الألم في كل دورة تعذيب ، وحتى سمعنا بوجود نساء مسيحيات لم تسلمن من عذابات بوابات السعير تلك، فصرخاتهن كانت ترتطم بجدران السجن وهن يستنجدن بالقديسة “مريم” لتنقذهن من عذاباتهن، والسجانون من النصرة كانوا يواصلون انتهاكهم لنا تحت سياط الضرب والتهديد والوعيد وهم يضربوننا بالعصي حتى تنكسر على أجسادنا دون رحمة وهم يصفوننا بالكافرات “.
”قالت شريهان : كنت خائفة جداً لاسيما حين كانت تدك مقاتلات حربية المدينة بالصواريخ والقنابل، فهول أصواتها القوية كانت تخطف أرواحنا من اجسادنا، وبعد كل دورة تعذيب يرمونني على أرضية زنزانة منفردة لأكثر من شهر، فرضخت لطلبهم وادعيت اعتناقي الاسلام ، وتأملت الحصول على فرصة نجاة من ذاك جهنم “.
وتضيف شريهان وضعها انذاك :” باعونا نحن السجينات لمقاتلي جبهة النصرة بمبالغ تراوحت بين ال6 وال7 آلاف دولار ، ليرميني قدري في صفقة بيع لأبو عمر الأدلبي وهو مسؤول بارز في النصرة ، الذي اصحبني إلى بيته في إدلب الذي عاش فيه بمفرده ، كان يتغيب عن المنزل ثلاثة أيام في الشهر يقضيها في جبهات القتال حسب قوله “.
وأشارت الى حصول الفرصة للبحث عن أهلها قائلة :” واظبت على الصلاة والصيام وقراءة القرآن حتى كسبت ثقة الإدلبي فأعطاني هاتفاً نقالاً وعمل لي حساباً على الفيس بوك ، وجدته فرصتي الثمينة في العثور على عائلتي ، واعتبره هو أيضاً فرصته في ابتزاز أهلي مادياً، وبدوري جهدت في البحث عن صفحات يكنى أصحابها أنفسهم باسم شنكال ، كي يتسنى لي عن طريقهم العثور على أرقام عائلتي أو حساباتهم على الفيس بوك ، وعثرت على صفحة “صباح الشنكالي” الذي ساعدني بعد تواصلي معه الوصول إلى صفحة شقيقي “أمين “
تحرير شريهان ب 13ألف دولار
استدل “صباح شنكالي” على عنوان أمين شقيق شريهان الذي كشف بدوره عن تواصله مع أخته عبر الواتس أب والفيس بوك والتي ناجته متوسمة أن يسرع في تحريرها قبل أن يبيعها أبو عمر الأدلبي .
يقول أمين أنه جاء إلى مدينة القامشلي ، ونجح في العثور على مهرب لتحرير أخته ، والذي طالبه بمبلغ 13 ألف دولار مقابل انقاذها، بعد تنسيقه مع مهرب آخر في مدينة إدلب ، والذي تمكن من تحديد عنوان المنزل الذي تتواجد بداخله شريهان من خلال الصور التي كانت ترسلها شريهان رشو لمعالم الشارع والمكان الذي يحتجزها فيها الادلبي والتي تلتقطها خلسة من كاميرة الهاتف النقال من نوافذ المنزل ومن فوق سطحه وأرسلتها إلى شقيقها الذي أرسلها بدوره إلى المهرب خلال فترة غياب الإدلبي ..
ويضيف أمين شقيق شريهان :طلبت من شقيقتي الخروج من البيت وركوب سيارة بيضاء مركونة أمام المنزل، حيث ينتظرها المهرب الذي نجح في اخراج شريهان من ذاك الجحيم وأوصلها لأقرب نقطة لأحد حواجز وحدات حماية الشعب الكردية على مقربة من قرية “الكاجيجية ” شرق مدينة منبج ، وهم من تبنوا إيصالها بعد اسبوع من مدينة القامشلي إلى شنكال فيما بعد فكنا بانتظارها هناك قبل حوالي شهرين”.
تعرضت مئات النساء والفتيات الإيزديات إلى الأختطاف والاغتصاب والتعذيب بحسب تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش ” ومنظمة العفو الدولية المعنيتين بحقوق الانسان ، وأجبرن على اعتناق إسلام خاص بداعش ، والزواج من اعضائه ، وجاء في تقرير المنظمة أن داعش أسر فتيات عمرهن أقل من 12 سنة ، وأن عدداً كبيراً من النساء والفتيات حاولن الانتحار هرباً من فظاعة الأسر والتعنيف الجنسي على يد متشددي تنظيم داعش الذي سبى 6413 من النساء والأطفال ، وفقاً للإحصائيات الرسمية لمديرية الشؤون الإيزيدية في اقليم كردستان العراق ، والتي نشرتها على موقعها الرسمي ، حرر منهم حوالي 3آلاف من النساء والأطفال وهم يعانون صدمات نفسية عميقة.
وتبقى قصة شريهان واحدة من مئات قصص الإيزيديات اللواتي خطفن واغتصبن وبعن في عصر سكبت ملامح رعبه في وجوه ونفوس بنات في عمر الطفولة وشابات لم تصدقن أنهن تخلصن من كابوس داعش.
يجب أن تكون مسجلا للدخول لتكتب تعليق.